الجمعة، 12 أغسطس 2011

ضد الطوفان (3)


مساء الجمعة 28 يناير 2011
-          " أصدر الحاكم العسكري قرارا بحظر التجول بمحافظات القاهرة الكبرى والأسكندرية والسويس من الساعة السادسة مساء حتى السابعة صباحا اعتبارا من اليوم الجمعة الموافق الثامن والعشرين من يناير 2011 ولحين اشعار آخر ، كما أصدر الحاكم العسكري قرارا بأن تقوم القوات المسلحة بالتعاون مع جهاز الشرطة لتنفيذ هذا القرار والحفاظ على الأمن وتأمين الممتلكات العامة والخاصة "
أغلق وزير الداخلية جهاز التلفزيون الذي أمامه بعد أن استمع إلي هذا النبأ العاجل في غرفة مكتبه ، في حين سأله مدير أمن الدولة : هنعمل ايه دلوقتي يا باشا ؟
الوزير : زي ما هتلر قال .
مدير أمن الدولة : أفندم .
الوزير : إذا أردت أن تسيطر على الناس أشعرهم أنهم في خطر ..
سكت لحظات ثم تابع : اسمع الكلام اللي هأقول لك عليه ده ، ونفـّذه بالحرف الواحد .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
في خطوات ثابتة قطع العقيد جمال الممر المؤدي إلي عنابر السجناء ، وأمر العسكري الواقف على أحد الزنازين بفتح الباب ، داخل الزنزانة كان يوجد رجل مفتول العضلات يجلس على الأرض ، للحظات ..  لم ينتبه هذا الرجل لدخول الضابط قبل أن يرى خياله ، ولما اقترب منه الضابط وصار على بعد أقل من متر منه رفع الرجل رأسه مبتسما هامّا بالنهوض ، فاردا كف يده اليمنى وهو يرفعها إلي جبينه قائلا : باشا .
لم ينتظره العقيد جمال حتى ينهض ، رفع فوهة مسدسه نحو رأسه ، وأطلق رصاصتين ، فانفجرت جمجمة الرجل .
 ــــــــــــــــــــــــــــــ
-     " أعزائي المشاهدين جاءتنا الآن أخبار مؤكدة من وزارة الداخلية بتقول ان فيه أكتر من خمستالاف سجين هربوا من السجون ، ونهيب بالسادة المواطنين توخي الحذر والحفاظ على مساكنهم وممتلكاتهم الخاصة "
أغلق اللواء محمد رئيس مباحث قطاع السجون جهاز التليفزيون الذي أمامه في غرفة مكتبه قائلا : ايه الخبر ده ؟ ... مش معقول ... اللي حصل ف الأقسام  مش ممكن يحصل ف السجون ، دول عايزينها تبقى جهنم .
استمع إلي طرقات على باب مكتبه قال : ادخل . فدخل أحد الضباط برتبة رائد مؤديا التحية العسكرية قائلا : تمام يا فندم
-          اللواء محمد : فيه ايه يا أحمد .
-          الرائد أحمد : جمال باشا يا فندم .
-          اللواء محمد : ماله ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ 
- " إنت ازاي يا فندي انت تضرب نار على مسجون أعزل ؟ مين اللي قال لك تعمل كدة ؟ أنا فاهم كل حاجة كويس، أنا هأقدمك للمحاكمة العسكرية وهأحاكمك بنفسي " هكذا قال اللواء محمد للعقيد جمال بلهجة حادة غاضبة قبل أن ينصرف من أمامه متجها نحو عنابر السجناء ، حيث كان السجناء كل منهم يمسك بملعقة أو اناء شرب يطرق بها على الباب الحديدي لزنزانته ، محدثين صوتا يعبر عما بداخلهم من سخط . وقف اللواء محمد أمام عنابر السجناء وعلى مرئى منهم ، أخرج سلاحه من جيبه رافعا يديه لأعلى ممسكا به ، ضاغطا على زر اخراج خزينة الطلقات ، لتهوى الخزينة على الأرض ، ثم وضع سلاحه في جيبه مرة أخرى ، داخلا العنبر واقفا شامخا متأملا السجناء من حوله ، فهدأت أصوات الطـَرق رويدا ، حتى ساد المكان الهدوء ، قبل أن يقطعه اللواء محمد بصوته الحازم قائلا :" القانون ... لازم يتطبق ع الجميع ، والظابط اللي أخطأ أنا هأحاكمه بنفسي" . كان للواء محمد عند السجناء قدرا من الحب والاحترام ، للكثير والكثير من المواقف التي شاهدوها منه طيلة السنوات السابقة ، كان هذا الحب وهذا الاحترام جديرين بأن يصدقوه .
غادر اللواء محمد عنبر السجناء وقبل أن ينصرف قال لهم : أنا بايت معاكم انهاردة ، ومتقلقوش ... محدش هيقدر يمس شعرة واحدة منكم طول مانا موجود .

كان التصميم الهندسي لمبنى السجن عبارة عن أربعة قواطع يتوسطهم فناء يفصل بين عنابر السجناء ومكاتب الضباط والاداريين ، وعلى أطراف المبنى توجد أربعة أبراج مراقبة لحماية مبنى السجن و منع من تسول له نفسه الهروب من السجن ، وأثناء مرور اللواء محمد بفناء السجن ، متوجها نحو مكتبه ، انطلقت عدة طلقات نارية من سلاح آلي يحمله صاحبه من أعلى أحد أبراج المراقبة التي بداخل مبنى السجن . اخترقت الطلقات جسد اللواء محمد وأصابت العديد ممن حوله .

ساد الغضب والسخط مبنى السجن ، فـُتحت أبواب الزنازين ، وأبواب البوابة الرئيسية لمبنى السجن ، خرج منها السجناء ، انتشروا يمينا ويسارا ، وامام مبنى السجن كانت هناك مجموعة من سيارات الأمن المركزي ، التي أقلت بعض السجناء وانطلقت .
يـُتبع