الأربعاء، 10 أغسطس 2011

ضد الطوفان (1)


مساء الأثنين 24 يناير 2011
في المبنى الرئيسي لجهاز أمن الدولة ، كان (العقيد مختار) يجلس في غرفة مغلقة ، أمامه جهاز الحاسب الخاص به ، يتابع آخر التطورات على المواقع الاجتماعية ، حيث البعض يدعو الجميع ويحثهم على النزول للتظاهر في ميادين المحافظات ، ومنها ميدان التحرير بالقاهرة ، اعتراضا على الحالة السيئة التي وصلت إليها الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالبلاد .
استأذن العقيد مختار في الدخول لرئيسه (اللواء حسن) مدير جهاز أمن الدولة ، فسمح له اللواء حسن بالدخول ، قدم ( العقيد مختار) لـ ( اللواء حسن) الملف الورقي الذي يحمله ، لم يتناوله (حسن) من يديه ، وإنما صرخ فيه : مش وقت ورق دلوقتي يا مختار ، اشرح لي الموقف .
لم يهتز مختار من صراخ رئيسه فيه ، ليس لأن مختار لديه من الثقة الكافية في نفسه لكي لا يهتز ، وإنما لأن هذا ما عهده في رئيسه منذ أن عمل معه منذ أكثر من خمس سنوات ، فأجاب في ثبات : بمتابعة عدد الصفحات على الموقع فيس بوك والتويتر، تم رصد 5 صفحات بتشجع على المظاهرات ، ومن متابعة عدد المعجبين ، والمتابعين والتعليقات ، تم تقدير رقم 100,000 شاب على أكثر تقدير بيتابعوا الموضوع . أخرج حسن سيجارة من علبة سجائره وأشعلها ثم تراجع بظهره على الكرسي الجالس عليه ، وقال الدخان يتبعثر من فمه : أخبار اللجنة الالكترونية ايه ؟ رد مختار : التعليقات اللي بيضيفها أعضاء اللجنة الالكترونية بتأثر تأثير شديد على رأي أعضاء الصفحات ، لدرجة إن فيه أكتر من 1,000 حالة تم رصدها كانت بتؤيد فكرة المظاهرات ، لكن اتضح من تعليقاتها بعد كدة انها تراجعت عن الفكرة ، مد مختار يده ببعض الورق ، واستطرد : دي حضرتك عينة من التعليقات اللي ..... قاطعه حسن : طيب .. طيب .. سيب لي الورق ده انت وروح على مكتبك كمّل شغلك ، مفيش نوم انهاردة ، وشدد على اللجنة يشدوا حيلهم شوية ، مستني منك تيجي تقول لي ان 50,000 واحد اقتنعوا إنهم مش هينزلوا المظاهرات .. يلا اتفضل .
- تمام يا فندم . هكذا قال العقيد مختار للواء حسن قبل أن يؤدي التحية العسكرية ويغادر مكتبه ، في حين رفع اللواء حسن سماعة التليفون قائلا : ايوة يا بني أديني السيد الوزير .
 انتظر قليلا ثم تابع : أيوة يا باشا .. بمتابعة عدد الصفحات على الموقع فيس بوك والتويتر ، تم رصد 4 صفحات بتشجع على المظاهرات ، ومن متابعة عدد المعجبين ، والمتابعين والتعليقات ، تم تقدير رقم 50,000  شاب على أكثر تقدير بيتابعوا الموضوع .... انتظر قليلا مرة أخرى ثم تابع : التعليقات اللي بيضيفها أعضاء اللجنة الالكترونية بتأثر تأثير شديد على رأي أعضاء الصفحات ، لدرجة إن فيه أكتر من 5,000  حالة تم رصدها كانت بتؤيد فكرة المظاهرات ، لكن اتضح من تعليقاتها بعد كدة انها تراجعت عن الفكرة ، معاليك أنا قدامي دلوقتي عينة من التعليقات اللي ... قاطعه الوزير : طيب .. طيب يا حسن خلاص .. روح انت دلوقتي كمّل شغلك ، مفيش نوم انهاردة ، وشدد على اللجنة يشدوا حيلهم شوية ، مستني منك تيجي تقول لي إن مفيش ولا واحد اقتنعوا إنهم هينزلوا المظاهرات .. يلا اتفضل .
كان القصر الرئاسي كعادته ، يخيم الهدوء على أركانه ، فنجلي الرئيس كل في غرفته ، مع زوجته ، أما حرم السيد الرئيس تجلس في مكتبها بالدور الأرضي تمسك في يدها برواية فرنسية تقرأها ، أما السيد الرئيس في غرفة نومه يجلس على كرسي الانتريه الملحق بغرفة النوم ، يتابع قناة الأخبار الأمريكية CNN  ، في حين دق على الباب شخص ما ، فقال الرئيس : ادخل ، فدخل أحد الظباط المكلفين بالحراسة الخاصة من قوات الحرس الجمهوري ، قائلا : تليفون لسيادتك يا فندم من السيد وزير الداخلية ، أومأ الرئيس برأسه ، ثم شاور بيده اليسرى أي انصرف ، فأغلق الضابط الباب ، في حين رفع الرئيس سماعة التليفون قائلا : أيوة يا حبيب ، قال الوزير : مساء الخير يا فندم ، قال الرئيس : عايز ايه خلّص ، رد الوزير : حبيت أبلغ سيادتك بأخر التطورات بخصوص بكرة يا فندم ، رد الرئيس : يا حبيب .. انت مش عارف شغلك ، هي أول مرة ،  متوجعشي دماغي .. واتصرف ، هما كلهم على بعضهم كام واحد يعني ، رد الوزير : يا فندم تم رصد 3 صفحات بتشجع على المظاهرات ، ومن متابعة عدد المعجبين ، والمتابعين والتعليقات ، تم تقدير رقم 10,000 شاب على أكثر تقدير بيتابعوا الموضوع ، لكن اطّمن سعادتك ، العدد مش هيوصل 5,000 ، احنا عندنا ناس شغالة كويس في اللجنة الالكترونية . 
يُتبع