الخميس، 11 أغسطس 2011

ضد الطوفان (2)


صباح الخميس 27 يناير 2011
دخل رئيس الوزراء مكتبه وعلى وجهه علامات الأرق والقلق ، لم ينل قسطا كافيا من النوم في الليلة السابقة ، مثله مثل الكثيرين من الوزراء وكبار رجال الدولة ، فعلى الرغم من نجاح قوات الأمن المركزي في طرد المتظاهرين من الميدان في اليوم الأول ، إلا إن المظاهرات ما زالت مستمرة لليوم الثالث ، والأعداد تتزايد ، وكذلك الاهتمام الاعلامي العالمي ، والجميع ينتظر غداً قريبا ، لا يعلم أحد ماذا ستكون عواقبه ، فالغد هو الجمعة ، ومعظم المصريين لا يفوتون صلاة الجمعة ، حتى اللي مبيصليش خالص ، بيصلي يوم الجمعة ، وهذه الجمعة ليست ككل الجمعات السابقة ، إن البعض يطلق عليها جمعة الغضب ، يجتمعون ويتناقشون ويقررون ، لا يتواجدون في مكان واحد في لقاءاتهم ، فيسهل القبض عليهم بمقتضى قانون الطوارئ الذي يمنع التجمهر ، ولكنهم ألوف الأشخاص ، في ألوف الأماكن ، يجتمعون بالانترنت ، وشبكات التواصل الاجتماعي ، انقطع تفكير رئيس الوزراء برنين الهاتف ، قائلا : ألو .. أيوة يا حبيب .. التلات شركات ؟! أيوة بس حاجة زي دي مش هأقدر أعملها إلا لما أرجع فيها للريس . 
بدا من صوت وزير الداخلية غضبه وهو يصيح: إنت فاكر يعني قرار زي ده أنا هأخده من دماغي ؟! ده كان الريس يطيرها من على رقبتي .
ما لبث وزير الداخلية أن أنهى جملته حتى أنهى المكالمة ، في حين ضغط  رئيس الوزراء على ريشة الهاتف ثم قال : أيوة يا حسين ... الغي كل المواعيد انهاردة ، واتصل لي بالتلات شركات بتاعة المحمول ، والشركتين بتوع الانترنت ، عايز أقابل المسئولين بتوعهم كلهم انهاردة ... في أسرع وقت .
مساء الخميس 27 يناير 2011
كان وزير الداخلية يجلس في غرفة الاجتماعات مع مساعديه مديري الأمن المركزي والأمن العام وأمن الدولة ، تنهد وزير الداخلية قائلا : كدة خلصنا موضوع التليفونات والنت ، ايه الأخبار ؟
مدير الأمن المركزي : يا باشا اليومين اللي فاتوااستنفذوا أكتر من 30% من احتياطي القنابل والرصاص المطاطي .
 الوزير : أنا بعت أطلب كميات اضافية من الدول المصدرة ، المراكب ف السكة المهم بكرة يعدي على خير ، ايه أخبار البلطجية ؟ من غير بلطجية مش هنعرف نضرب المظاهرات .
 مدير الأمن العام : موجودين يا باشا .
نظر الوزير إلي مدير أمن الدولة قائلا : تكلم مدير المترو ، تقول لهم بكرة يقفلوا محطة التحرير ،  وتكلم التلفزيون تقول لهم يفضلوا زي ما هما كدة ، مش عايز أي خبر عن التحرير ف أي نشرة أو برنامج .
عصر الجمعة 28 يناير 2011
كانت الناس تأتي إلي ميدان التحرير من كل فج عميق ، حاولت قوات الأمن المركزي بعساكرها وبلطجيتها أن تمنع الناس من الوصول إلي التحرير ولكنها لم تستطع ، لم يستطع الرصاص أو القنابل المسيلة للدموع اثناء الناس عن الزحف نحو حريتها ، كانت الناس تقاتل للوصول إلي الميدان ، وكأنها على موعد مع النصر هناك ، في حين كان وزير الداخلية في مكتبه يستشيط غضبا ، غير مصدقا لما يحدث من حوله ، فقوات الأمن المركزي لا تستطيع الصمود ، والطوفان قادم لا يستطيع أحد أن يوقفه ، حتى أقسام الشرطة والمؤسسات الحكومية تم اقتحامها ،  رفع سماعة هاتفه ...... تحركت سيارات دبلوماسية بيضاء تطيح بلا رحمة بكل من تقابله ، توجهت مجموعة من القناصة إلى أعلى  مبنى وزارة الداخلية تقنص من  يختاره القدر ليكون شهيدا ، وبعد ساعات ... استعاد الناس ميدانهم ، بعد ان انسحبت قوات الأمن ، الأمن الذي استطاع أن يسلب حرية شعب بأكمله طيلة ستين عام ، لم يستطع أن يصمد أمام صرخة هذا الشعب أربعة أيام .
يـُتبع